أيام الله

 

 

وما أدراك ما هي أيام الله

وصلت بغتة

ولا يعلم أحد ما هي أيام الله

أيام الله

قال عز وجل:  قل للذين ءامنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون.

سورة الجاثية الآية رقم 14

بسم  الله الرحمان الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وآله الطيبين الطاهرين

وأشهد أن لا إلاه إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله جاء بالحكمة والفرقان رحمة للعالمين وأشهد أن عليا ولي الله وحجته البالغة على القاسطين والظالمين قاتل على تأويل القرءان كما قاتل رسول الله على تنزيله

أما بعد يا أمة الإسلام

لم يعد خافيا اليوم على أحد أننا في شدة كبرى وفي كرب عظيم نبحث عن الخلاص والنصر والمخرج مما نحن فيه وسيف السلاح الذري مصلت فوق رؤوسنا يتربص بنا في كل وقت وحين وفساد مجتمعنا وضعفنا في الحق وتهاوننا به شجع أعداءنا عل الطمع فينا والاستخفاف بنا وبديننا وقد فعلوا بنا الأفاعيل ومازالوا يفعلون ويخططون ليستأصلوا وجودنا من على وجه الأرض.وقد شاع فينا الكذب وظهر النفاق وتطاول الأنذال على المقدسات وانتهكت حرمات الله وكثرت المظالم وضاعت الحقوق وغلت الأيدي وكممت الأفواه واستمر القهر وصارت العبودية والاستعمار الخفي والمنكر أمرا مألوفا في بلاد الإسلام كافة وصار المعروف منكرا ونسي الناس مكر الله وأمنوه

ولا يأمن مكر الله الا ّ القوم الخاسرون

 

مفتاح الخلاص

أما مفتاح الخلاص اليوم لنا مما نحن فيه فهو لا يوجد إلا في كتاب الله

فما على أمة الإسلام اليوم إلا ّ أن توفر الشروط المطلوبة لنيله. وذلك لا يكون إلا بأداء الحقوق لأصحابها والأمانات إلى أهلها و رد ّ المظالم

فإذا فعلنا هذا أرشدنا الله إلى مفتاح الخلاص إرشادا صحيحا لن نضل بعده أبدا.

أما دليلنا إلى ذلك فهو القرءان ...قال عز وجل: في آخر سورة الشورى: وكذلك أوحينا إليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب....الاية رقم52

نفهم من هذا أن في القرءان روحا مكنونة فيه أي مخبوءة فيه وفي معادن الأرض.فهو الذي يرشد للعلم والعمل الذي يمكن أن نستخرجها به من معادن الأرض.فليس من المستحيل إذا أن نصل إليها ونحصل عليها إذا عرفنا الطريق الموصلة إليها

إذا فلن تكون هذه الروح إلا وسيلتنا الكبرى إلي الله عز وجل وإذا كان ذلك فهي مفتاح الخلاص الوحيد

إذا فما العمل المطلوب الآن وما هو الطريق الذي يجب أن نسلكه للوصول إلى هذه الروح المكنونة في كتاب الله لتصبح وسيلتنا الكبرى إلى الله عز وجل ونصبح بها على اتصال مباشر به من وراء حجاب....

ذلكم هو الله عز وجل خالق السماوات والأرض الذي إذا أراد شيئا قال له كن فيكون

فإذا وصلنا إلى هذه الروح يا أمة الإسلام فمن يقدر بعد ذلك على مواجهتنا من دول العالم ونحن على اتصال مباشر من وراء حجاب بالله  عز وجل رب السماوات والأرض بواسطتها وهي الحجاب بيننا وبينه عز وجل .من أحياها بالعمل الفرقاني فكأنما أحيا الناس جميعا خالدين وكيف لا يكون ذلك وهي لو خرجت فاضت بالخير على جميع العالمين إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالات صفر ويل يومئذ للمكذبين  وكيف لا يكون ذلك وهي إذا خرجت وسبحت الله عز وجل وذكرت اسمه بفمها وأجنحتها ارتعدت خوفا ورهبة ورغبة السماوات والأرض وما فيهن.

الشرح والبيان

للشرح والبيان لابد أن نسلك طريقا واحدا هو طريق العلم والعمل معا وسيأتي بيان ذلك في ما بعد.

أما طريق العلم فلنبدأ ببيان هذه الروح المكنونة في القرءان وبيان الفائدة منها والنفع الذي يحصل للناس عامة ولأمة الإسلام خاصة.. وأنا هنا لا أتكلم إلا بإختصار شديد فأقول

للروح الإلاهي هذا المكنون في القرءان أسماء سبعة هي كما يلي

أولا: الروح الإلاهي قال عز وجل في سورة النبأ الآية رقم38

يوم يقو الروح والملائكة صفا

ثانيا: الدابة    قال عز وجل: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم سورة النمل الآية رقم82

ثالثا: الحسنا  قال عز وجل: للذين أحسنوا الحسنا وزيادة سورة يونس الآية رقم 26

رابعا: الصاخة أو الصارخة قال عز وجل: فإذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه. أي من النشوة واللذة لا من الألم والعذاب كما يتوهم البعض  سورة عبس الآية رقم33

خامسا: الحيوان: قال عز وجل: وإنّ الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون سورة العنكبوت الآية رقم64

هنا الدار الآخرة بمعنى المرحلة الآخرة في عالم التكوين الفرقاني وقال عز وجل: في سورة القيامة: كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الاخرة20+21 والآخرة هنا هي الروح الحيوان.

البيانات والأدلة

على صحة هذا الاستدلال أن هذه الأسماء السبعة كلها لشيء واحد هو الروح الإلاهي الذي يخرج في آخر الزمان يصبغ الناس بالبياض والسواد وهذه هي صبغة الله ومن احسن من الله صبغة ونحن له عابدون... سورة البقرة الآية رقم138

قال عز وجل في سورة آل عمران الآية رقم 107 يوم تبييض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم اكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون وأما الذين ابيضت  وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون.

وهنا نلاحظ أن هذه الصبغة هي لقاح الحياة الأبدية التي يصير بعدها الإنسان في هذه الدنيا خالدا حيا لا يموت في شباب دائم بإذن الله حيث قال عز وجل: وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون../.

أولئك هم عباد الله الصالحون الذين يرثون الأرض والفردوس إرثا أبديا وهم فيها خالدون../.

أما الأدلة على أن هذه الأسماء السبعة كلها شيء واحد

هو هذا البياض والسواد الذي يحدث في وجوه الناس بعد أن يمسهم الروح الإلاهي. وتلكم هي صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون...البقرة الآية رقم138

إذا فصبغة الله هي القاسم المشترك بين هذه الأسماء السبعة وهذا البياض والسواد هو الرابط الذي يربط بين هذه الأسماء السبعة حتى تظهر في النهاية أنها شيء واحد ذلكم هو الروح الإلاهي المكنون في كتاب الله. وهذا هو ذخيرة جميع الرسل والأنبياء عليهم السلام.ذلكم هو الدار الآخرة وذلكم هو الحيوان لو كنتم تعلمون..وان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون

فإذا قرأنا مثلا قول الله عز وجل: فإذا جاءت الصارخة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وجوه يومئذ ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة... الحجة والدليل أننا نشاهد هنا في الوجوه بياضا وسوادا.. وإذا قرأت قول الله عز وجل: كلا ّ بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة وجوه يومئذ ناظرة الى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة تظن أن يفعل بها فاقرة.هنا نلاحظ النظارة والحسن على وجوه كما نلاحظ العبوس والكلاحة على وجوه أخرى وفيهما معنى البياض والسواد

وإذا قرأنا آيها المؤمن قول الله عز وجل: للذين احسنوا الحسنا وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما اغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون.

الحجة والبيان أننا هنا أيضا نشاهد على الوجوه بياضا وسوادا أما إذا قرأت أيها المؤمن قول الله عز وجل: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون.

هنا لا نلاحظ البياض ولا السواد على الوجوه..ولا القبح ولا الجمال لاول وهلة... ولكن ثبت لدينا بالخبر

الصحيح المتواتر الذي ورد في السنة  أن الدابة إذا خرجت في آخر الزمان تخرج ومعها عصا موسى وخاتم سليمان تبيّض وجه المؤمن بعصا موسى وذلك بأن تمسه بها على جبهته فتترك له نقطة بيضاء فيغشو البياض في وجهه وجميع بدنه.فهذا مؤمن.. وتخطم وجه الكافر بالخاتم فتترك له نقطة سوداء على انفه فيغشو السواد في وجهه وجميع بدنه فهذا منافق كافر.

أما إذا قرأت أخي المؤمن قول الله عز وجل: وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب.وان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون فإنك تجد هنا بيانا وحجة من نوع آخر وهي اشد قوة وعجبا من الحجج التي سمعت. ولكن هنا عليك أن تفهم أن القرءان صوابه خطأ وخطأه كفر.والقرءان يفسر بعضه بعضا. فإذا أردت فهم هذه الآية. فافهم قبلها قول الله عز وجل:وابتغ في ما أتاك الله الدار الآخرة.

فإن كنت عالما فإنك تجد عجبا عجابا. ولكن أنا اعلم أن هذا لا طاقة للعلماء بفهمه فكيف بمن كان محدود المعرفة والعلم

على كل حال سنعود لشرحهما بعد حين......

ولنمر الآن إلى قوله عز وجل: يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا ّ من أذن له الرحمان وقال صوابا.ذلك اليوم الحق فمن شاء اتخذ إلى ربه مئابا../.

دعوة ونداء عاجل

إلى العمل في ميدان المشروع الإلاهي

لصنع نموذج صغير من آلة الفرقان الذري

يكون بنسبة 1/10 من 100

للدراسة والتعليم أولا ثم للعمل والإنتاج ثانيا هذا لمن أراد أن يرى ويسمع

يا أمة الإسلام في المشرق والمغرب

الله عز وجل هو غايتنا العليا والروح الإلاهي المكنون في القرءان هو وسيلتنا الكبرى إليه أيها المؤمنون...

والروح الإلاهي المكنون في القرءان مكنون في معادن الأرض أيضا في الأملاح والمعادن والنبات والحيوان.ومراحل نشأتها ثلاثة وأطوارها حيوانية وبشرية ملكية. من أحياها بالعمل التكنولوجي الفرقاني فكأنما أحيا الناس جميعا خالدين... وكيف لا يكون ذلك وهي لو خرجت فاضت بالخير على جميع العالمين.. والخير ليس من عندها إنما هو من عند الله..

يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون...لتتحقق لنا بواسطتها في هذه الحياة الدنيا على الأرض لقياه من وراء حجاب.

بعد الكدح الطويل والعمل الشاق الذي نقدمه في ساحة القرقان ونأتيه ذلكم هو نجاز المشروع  الإلاهي فأسرعوا إليه ولا تفرطوا فيه.يا أيها الإنسان انك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه. فأسرعوا إلى العمل والإنجاز للفوز بالحياة الأبدية على الأرض  والسبق إلى صبغة الله.

ولا تفشلوا كما فشل اليهود وسقطوا في منتصف الطريق فلعنهم الله. ولا تضلوا كما ضل النصارى حيث أشركوا بالله فرفضهم الله.

وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعلمون فقد جاءت أيام الله../.

وسترى الناس يتراهنون على قيام المشروع الإلاهي والساعة الفرقانية وروح الله

يتنازعون فمنهم من يقول هذا هو الحق فاستمسكوا به إن كنتم مؤمنين

ومنهم من يقول هذا هو الباطل فاتركوه والغوا فيه لعلكم تغلبون

لكن إذا صنع الزمان الآلي المتحرك فقد قامت الساعة الفرقانية النموذجية يومئذ يخسر المبطلون رهانهم مع المؤمنين ويخزيهم الله

فإذا جاء أمر الله بعد ذلك بصنع الآلة الكبرى قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون أيضا .../.

يومئذ يعضّون على أيديهم من الغيظ و يلغطون ويسبون ويلعن بعضهم بعضا ويتكلمون../. قال عز وجل: قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها../.سورة الأنعام

وتأخذهم حسرة شديدة على التفريط في فهم القرءان ويتكلمون

لكن إذا أكملت الساعة الفرقانية عملها يومئذ تخرج لهم دابة من الأرض من ساحة الفرقان تكلمهم أن الناس كانوا بئاياتنا لا يوقنون. وتكون القيامة الأولى ويحشر الله من كل أمة فوجا من المكذبين. فيكلمهم الله عز وجل من وراء حجابه الروح الإلاهي فيقول لهم أكذبتم بئاياتي ولم تحيطوا بها علما أم ما ذا كنتم تعملون. وقع القول عليهم بما ظلموا فهم....لا ينطقون

هذا يكون ويقع يوم يقوم الروح والملائكة صفا ...لا يتكلمون

وكان المبطلون والكافرون من قبل أن يقوم المشروع  والساعة والروح لا يكفون عن التكذيب والكفر والكلام فإذا قامت الروح وخرجت وسمعوا صرختها وهي الصارخة الحارقة ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالا صفر ويل يومئذ للمكذبين  هذا يوم............لا ينطقون

هذه هي الحسنا.

وهذه هي الصارخة وما أدراك ما الصارخة.وهذه هي الحارقة وما أدراك ما الحارقة وهذه هي الصابغة وما أدراك ما الصابغة وهذه هي القارعة وما أدراك ما القارعة يوم يكون الناس كالفراش المبثوث...يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد../..

المشروع الإلاهي عمل مشاع لجميع الناس فمن شاء اتخذ إلى ربه مئابا ويل لمن يقدر على بعثه أو المساهمة فيه بمال أو نفوذ أو رجال ولم يفعل. حسابه عند الله عظيم

فإذا وجد المال ووجدت الرجال والعمال أصحاب النفوذ  والسلطان.

أيكفي هذا لنجاز مشروع كبير مثل مشروع الحكمة القرءانية الأعظم لصنع آلة الفرقان الذري والجواهر الحية والروح للإنقاذ العام ؟

الجواب لا.

بل لا بد أن نوفر له شروطا كثيرة أخرى لا تخفى على أولى الألباب ونمهد له تمهيدا

ثم نبحث له عن من عنده علم الكتاب.../.

قال عز وجل: ولقد جيئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون.

وها قد جاء اليوم تأويله بالأعمال لا بالأقوال فهل من عاملين..!

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمان الرحيم

يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السموات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة...الأعراف

يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها ..النازعات

يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم ..الحج

إن الساعة آتية أكاد أخفيها...طه

يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند ربي وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا...الأحزاب

وما يدريك لعل الساعة قريب...الشورى

سبحان الله ورد ذكرها مرتين بصيغة المذكر وهي مؤنثة لعلمه عز وجل أنها الفرقان والفرقان مذكر../.

ولله في كتابه أسرار يفتحها لمن يشاء وعلى من يشاء وهو العليم الحكيم ../..

هذا ولما كان مشروع الفرقان الذري والساعة هو مشروع علمي عملي صناعي فيه يظهر منتهى العلم البشري بعد نجازه يفضي إلى روح الله. وروح الله وسيلتنا الكبرى إلى لقاء الله من وراء حجاب هنا في هذه الدنيا والتلذذ بسماع كلامه كما كان يتلذذ موسى ومن معه السماع...قال عز وجل في سورة يونس الآية رقم7و8 إن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها والذين هم عن آياتنا غافلون أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون.

انظر كيف اخبرنا الله عز وجل بخسران المكذبين المبطلين للّقيا رهانهم حيث قال في سورة الأنعام: قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم آلا ساء ما يزرون. الآية رقم 31

وفي سورة محمد عليه وعلى آله السلام

فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها.

ومن أعظم أشراطها التي لا بد منها لقيام مشروعها وبناء فرقانها بعثته عليه السلام حيث هو نبي الساعة وأمته هي التي تنجز هذا المشروع كما جاء ذلك في الأثر أن أمة الاسلام هي الأمة التي تقوم على رأسها الساعة.

فالإسلام هو الذي مهّد لقيامها تمهيدا عالميا لم يمهد لها مثله أحد من قبل حيث فتح الأمصار والبلدان ونشر الكتاب الذي يحتوي على علمها وفجّر الحضارة الإسلامية التي علّمت العرب والغرب والشرق كيف يبنون الحياة وكيف يتقدمون. وما نشاهده اليوم من هذه الحضارة والتقدم والإبداع القائم اليوم في العالم إلا حسنة من حسنات هذا الدين الحنيف ولولا ذلك لكان الناس اليوم همجا, يعيشون في جهالة جهلاء وهمجية عمياء كما كانوا من قبل الإسلام رعاة إبل وبقر وخنازير...

تعليق سريع ومختصر عن الساعة والسر في كتمان موعد قيامها زمانا ومكانا

قال عز وجل:"يسألونك عن الساعة أيان مرساها فيم أنت من ذكراها إلى ربك منتهاها" سورة النازعات

ومعنى هذا يسألونك يا محمد عن الساعة أي على مشروع الفرقان متى وأين ينجز زمانا ومكانا وهذا ما تعنيه كلمة أيّان مرساها.أما كلمة فيم أنت من ذكراها.هنا يقولون لك يا محمد أين أنت وما هو دورك فيها وفي بناءها ونجاز مشروعها

يا ترى أن هذا المشروع ستنجزه أنت بنفسك أم أنّ أناسا آخرين سيأتون من بعدك وينجزوه.

وهذا القول يشبه كثيرا من وجه وليس من جميع الوجوه مقالتهم المعروفة متى هذا الوعد إن كنتم صادقين لأنّ كلمة الوعد تعني الخير وحده وأما الساعة فإنها تجمع بين الوعد والوعيد.

أمّا السر في كتمان أمرها وكتمان زمان ومكان قيامها فهذا يعود لعدم توفر الشروط اللازمة لنجاز هذا المشروع في ذلك الزمان الذي بعث فيه الرسول عليه السلام حيث كان المجتمع بدويا متخلفا لا توجد فيه المصانع والمعامل ولا المدارس ولا الكليات ولا الجامعات ولا المؤسسات ولا الكوادر الفنية المختلفة...والأرض لم تخرج بعد أثقالها...فعمل الإسلام على إيجادها ووجّه الناس إلى العمل الصالح بعد الإيمان وقال لهم لا يقبل إيمان بغير عمل هذا وقلّ ما نجد في القرءان الذين ءامنوا إلاّ ومعها وعملوا الصالحات.

أمّا السر في كتمان زمان ومكان قيامها فإنّه لو أخبرهم بذلك عليه السلام في ذلك الزمان فإنهم يستبعدون الأمر ويتركون الدين والجهاد ويفشلون ويقولون نحن الآن مثلنا كمثل من يغرس غرسا لا يثمر إلاّ بعد ألف وأربع مائة سنة فلا ندرك ثمره نحن ولا أبنائنا ولا أبناء أبنائنا فيتركون الجهاد والعمل ويفشلون والله عز وجل يكره فيهم هذه الصفة فيعاتبهم عليها ويقول لهم في سورة القيامة كلا ّ بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة...والآخرة كما بينّا وأسلفنا أنها هي الحيوان والصارخة والروح الإلاهي والحسناء التي هي الوسيلة الكبرى إلى الله عز وجل للاتصال به سبحانه وتعالى في هذه الدنيا من وراء حجاب.وهذا الروح الحيوان هو إنتاج فرقاني يظهر من ساحة الفرقان بعد عمل وكدح طويل وشاق...وهذا معنى قوله تعالى:" إلى ربك منتهاها" فالوصول إلى الله عز وجل في هذه الدنيا هو غاية جميع الغايات .وجميع الديانات السماوية وهذه هي خلاصة مشروع الحكمة القرءانية الأعظم لصنع آلة الفرقان الذري لتكوين الجواهر الحية واستخراج سكينة التابوت وإظهار الروح الإلاهي.قال عز وجل:"يأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه"

عودة لشرح كلمة الدار الآخرة

الدار الآخرة كما هو معروف ومعلوم لدى الجميع أنها الحياة بعد الموت هذا صحيح ...والشك فيه خروج من الملّة والدين لكن زيادة على ذلك هناك باب لابد من المرور عليه للدخول إلى هذه الدار: قال عز وجل "وإنّ الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون" سورة العنكبوت

وقال في سورة الأعراف: والذين كذبوا بآياتنا  ولقاء الآخرة ((الحيوان المتقدم ذكره)) حبطت أعمالهم هل يجزون إلاّ ما كانوا يعملون..وهنا لابدّ من شرح وتحليل لهذا الكلام الخطير الذي يأيّده قوله عزوجل: انه لا ييأس من روح الله إلاّ القوم الكافرون..وخلاصته  أن كل من لم تحدثه نفسه بإنجاز المشروع والوصول إلى الروح فهو محبط العمل كافر وقال عز وجل في سورة القصص حاكيا عن موسى وقارون صاحب الكنوز المعروف وكانت بينهما قصة طويلة بعد بناء فرقان موسى وبعد أن ظهرت منه ءايات تسع وروح ملكي صغير كان وسيلة صغرى وحجابا يكلم الله موسى من خلاله ويكلمه موسى قال عز وجل:"وكلّم الله موسى تكليما" لكن هذا الروح الملكي المسمى سكينة التابوت ليس مخوّلا أن يعطي الحياة الأبدية بالنقطة البيضاء التي هي لقاح الحياة الأبدية وصبغة الله مثل الدابة والحيوان المتقدم ذكره.هنا قال موسى لقارون "إبتغ فيما ءاتاك الله الدار الآخرة...أي انفق هذه الأموال على إعادة بناء مشروع الفرقان الذي أقمناه بسيناء وضاع منّا وما أتممنا به العمل إلى الغاية القصوى التي هي الروح الإلاهي الذي هو الحيوان وهو المرحلة الأخيرة في عالم الخلق والتكوين الفرقاني وتلكم هي الدار الآخرة كما قال عز وجل:" وإنّ الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون".

أما قصة هذه الكنوز التي حصل عليها قارون وقد كانت من علم الكيمياء الذي حصل عليه قارون من التوراة والكيمياء أخت النبوة كما قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام

وكان قارون من أقارب موسى وكان من العباد الزهاد  وكان يعمل ضمن الجموع الغفيرة التي كانت تعمل في ساحة فرقان موسى بسيناء ولمّا صنع قارون جواهر حيّة بآلة الفرقان الموسوي حوّل بها القناطير المقنطرة من المعادن الخسيسة كالرصاص والنحاس حوّلها إلى ذهب فقال له موسى عليه السلام :يا قارون إدفع زكاة مالك هذا لننفقه على العمل الفرقاني حتى نصل إلى الغاية القصوى التي هي الروح الإلاهي الحيوان الذي يحمل صبغة الله لقاح الحياة الأبدية للصالحين من البشر حتى يكونوا في هذه الدنيا خالدين بأرواحهم وأجسادهم  في شباب دائم

ولما أحصى قارون زكاة أمواله وجدها شيئا كثيرا فبخل بها وقال إنّما أوتيته على علم عندي ولم يكتفي بهذا بل كاد المكائد لموسى وأراد أن يوقعه في المهالك ليتخلص منه. ولمّا رفض قارون كلام موسى حلّ بحكم التورات دمه وماله لموسى

وتسلّط موسى على قارون بالجواهر الحيّة والروح الملكي وخسف به الأرض ولمّا هلك قارون تحدث اليهود وقالوا قتله ليستولي على ثروته وماله ونسوا بل وتناسوا إنّ الاستيلاء على ماله وثروته لو تم لموسى سيكون لهم فيه خير عظيم ووصول إلى ما يرضى الله وينفعهم نفعا عظيما جدا ويصبحوا خالدين في هذه الدنيا لا يمرضون ولا يموتون ولا يخافون ولا يتألمون لكنهم أطلقوا العنان لألسنتهم وخاضوا في الباطل خوضا واغتاظ موسى عليه السلام فخسف الأرض بداره وماله أيضا فعند ذلك طابت نفوس اليهود وسكتوا فويل للرؤوس من ألسنتها ليتهم سكتوا وصبروا فلو صبروا وسكتوا لرأوا العجب العجاب فلتكن لنا فيهم عبرة يا أمة الإسلام فلا نقع فيما وقعوا فيه من أخطاء فالسعيد السعيد من اتعض بغيره والشقيّ الشقيّ من اتعض بنفسه

لقاح الحياة الأبدية أو إكسير الحياة الأبدية للصالحين من البشر, تلكم هي النقطة البيضاء القادمة من روح الله على جباه المؤمنين وتلكم هي صبغة الله تفسيرها هي لقاح الحياة الأبدية ضد الموت في هذه الحياة الدنيا والملقحون الذين ابيضت وجوههم هم خالدون في الحياة الدنيا  بصريح القرءان وهو قوله عز وجل: "وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون"خالدون.. خالدون "

وكلمة رحمة الله هنا فيها إشارة واضحة أن هذا الخلود يكون في هذه الدنيا./.. إذا لا ذكر للجنة هنا ولا للنار../.